فضاء حر

شعب بحمد الله مقتول.. منبوذ.. مسروق.. يــــا ولدي

يمنات

للحقيقة ثمن.. ويبدو ان ثمنها باهضا جدا في بلد المليون سارق او قد يفوق عددهم المليون..

لا نعلم حقيقة كيف يتكاثرون بهذه السرعة المذهلة (كالبيكمونات) لكنه الواقع.. واقع تكاثر الفساد الذي اصبح يكرم ويعزز.. ويسحق تحت اقدامه المواطن البسيط..

باعوا كل شيء له علاقة بعزة وكرامة المواطن.. باعوا ارضه.. واستباحوا قوته.. ثم يستقبلونه بابتسامة عريضة ويشدون على يده ويضحكون عليه بعبارة (الحمد لله على كل حال).. يمضغها هو على مضض كلما فكر ان يصحو ويفكر بمستقبله الباهت…

(صبرا اهل اليمن ان موعدكم الجنة).. تلك الجنة التي لابد ان يدفع المسكين ثمنها من قوته وقوت ابنائه وحرقة اعصابه في نظرهم.. بينما يوعدون هم بها دون مقابل.. (الحمد لله على كل فساد كل ظلم كل قتل) هي مفتاح الجنة التي يوعد بها المسكين الفقير قليل الحيلة..

عالم مليء بمكروبات الفشل والتقاعس (والحاصل) لان لا الوطن ولا المواطن هو جزء من حساباتهم التي صعدوا لأجلها على منابرهم والقوا كل تلك الخطب الرنانة..

هم اهم مكونات (الديكور الوطني)..عالمهم ليس فيه مكاناً للشعب ..وكل ما فيه محاصصة وصور واتباع من ذوي الدفع المسبق..

اصبح البسيط في الشارع او في بيته يتوجس خيفة إن رأى او سمع أن احدهم قد احرز منجزا وانه قام بمهمة وطنية.. ليردد: (اللهم اجعله حلم خير).. ترتجف اعماقه وهو يسمع عن عدد محاولات الاغتيال الذي تعرض لها فلان وفلان ليس الا لانهم فكروا في مواطن وضع ثقته فيهم.. ليدرك حينها (ان المشي جنب الجدار) هو خياره الصائب.. اجمل من ان يدفن (تحت الجدار).. ويقنع نفسه بجملة (الحمد لله انهم مازالوا يتركون لنا الجدار لنسير الى جانبه).

ويكاد يجزم انه لا يرى مثل أولئك المنجزين المهتمين به غير في احلامه.. ويخاف ان يصحو منها فيجد نفسه مرمي على ارض الحقيقة القاسية.. (والحمد لله انه مازال يصح)

ولتكون مواطنا صالح عليك ان تصفق.. ان تلمع.. والا اصبحت زارعا للفتنة ولا تحب ارضك.. فحب الارض مرهونا لديهم بمدى ولائك لهم.. والغوا فكرة ان للمواطن الحق او انه واجبه الوطني ان ينتقد كل خطأ وان يطلب اصلاح كل اعوجاج في قوام الامور الحياتية التي تخصه..

حتى اصبحنا نظن ان مصطلح ( الحمد لله) الذي يستخدمه الفقير ليقنع نفسه انه في نعمة.. وتروج له الثعابين الرقطاء لتقنعهم انهم يغدقون عليهم من نعمة الحياة التي يتركونهم يهيمون فيها معصوبي عين الحقيقة.. وحتى لا تنهي تلك الحقيقة نعمة (الحمد لله ) فتتحول الى (اعوذ بالله)..انما هي واجب علينا نؤديه كل صباح بصدق ورضاء والا اختفت خطواتك واصبحت اثر بعد عين..

ان نعمة (الحمد لله ) التي اغدق الله بها علينا لنشكر فضله ونعمه وجزيل عطائه تحولت بقدرتهم وفهلواتهم الى نقمة.. وقطعة من القطن يسد بها الفقير المسكين اذنيه حتى لا يسمع (قرقرة) امعاء اطفاله الذين يتضورون جوعا.. ولا نحيب ضميره الذي يتململ من وضعه المشين السيء..

 

يجيدون صنع الكوارث.. يتفننون في تعذيب ارواحنا.. حتى نعي ان ما نفتقده على الارض سنجده ينتظرنا عند ابواب السماء كلما كررنا(الحمد لله على كل حال) .. وكأنه ليس من حقنا ان نجد السعادة ولا الصحة والكرامة والحرية على الارض ونجدها ايضا في السماء.. إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده لا ان يسمع تلك (الحمد لله) على الظلم والاكراه..

يربطون الله الذي يشكلونه هم بطريقتهم.. بالظلم والفساد.. والرضاء بالقليل خوفا من ذلك الفقير ان يفقد حتى القليل الذي يتركونه له.. يؤنبه عقله قائلا: ( نص العمى ولا العمى كله).. نصف العلم.. نصف الصحة.. نصف القوت.. لأن النصف الاخر يذهب لأصحاب الفضل لمن استخلفهم الله حسب ظنهم على رقاب الشعب..

وبني سياج الرضاء بالحاصل حول الفقير المسكين حتى لا يعذبه الله بعدم رضائه.. لم يرى علماء الفكر الاسلامي علم الكلام من حيث يجب ان يروه حيث ان على المخطئ تحمل نتيجة خطئه وعلى المحسن ان يكافئ بناء على ما جاء في شريعة الله خلقوا اعذارا واهية اعطت الفرصة للحكام العرب والمستبدين ان يكونوا اكثر جبروت وطغيان بناء على وجهة نظر بنيت على ان الانسان مسير وليس مخير ..اي ان كل افعاله التي يقوم فيها انما هي قد فرضت عليه سابقا وانه مهما حاول تغييرها فليس له ذلك.. وبهذا انتشر الظلم وحمل القدر مسبباته ونتائجه.. وحوسب المسكين الفقير على كل افعاله ولا ندري كيف لهم الكيل بمكيالين.. والصاق كل ذلك اللعب بفلسفة واضحة بأنها مشيئة الله ولا اعتراض..

وقريبا سيكتب على علم وطنهم الذي يستضيفونا فيه مشكورين لكرم اخلاقهم.. شعارهم المفضل ( الحمد لله على كل حال )..

ونصبح بفضلهم (شعب بحمد الله مقتول.. منبوذ..مسروق.. يا ولدي).

زر الذهاب إلى الأعلى